أرقام مرعبة تعكس الكارثة الحقيقية لكثرة الإنجاب خلال الآونة الأخيرة، فولادة 523 ألفا و500 نسمة خلال 122 يوما فقط، أمر دفع الحكومة لدراسة مقترح إعداد حوافز مالية لتشجيع السيدات على تنظيم الأسرة لخفض معدلات الإنجاب، حيث أن زيادة معدلات الزيادة السكانية تنعكس بالسلب على فرص التنمية وعلى قدرة الدولة على تلبية احتياجات المواطنين، ويمثل تحديا للاقتصاد المحلي
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم، مراسم توقيع بروتوكول تعاون بين وزارتي التخطيط والتنمية الاقتصادية والمالية، بشأن برنامج الحوافز المادية بالمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية. ووقع البروتوكول كل من الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور محمد معيط، وزير المالية. يأتي توقيع هذا البروتوكول، في إطار تكليفات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بتقديم دعم ثابت من وزارة المالية من إيرادات الدولة للمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية. وعلى هامش التوقيع، أكد رئيس مجلس الوزراء أن المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، الذي أطلقه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في فبراير 2022، يمثل مشروعا تنمويا متكاملا يستهدف تحسين الخصائص الديموجرافية مثل: التعليم والصحة وفرص العمل والتمكين الاقتصادي والثقافة، بالإضافة إلى ضبط النمو السكاني. وصرحت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، بأن هذا المشروع يسعى للارتقاء بجودة حياة المواطن المصري، من خلال ضبط النمو السكاني، والارتقاء بالخصائص السكانية، ويشمل عدة محاور تتضمن: التمكين الاقتصادي، والتدخل الخدمي، والتدخل الثقافي والتوعوي والتعليمي، والتحول الرقمي، والتدخل التشريعي. وأوضحت وزيرة التخطيط أن هذا البروتوكول يهدف إلى تنسيق الجهود بين وزارتي التخطيط والمالية؛ لتنفيذ التكليفات الرئاسية، فيما يخص متابعة الموقف التنفيذي لمشروع تنمية الأسرة المصرية، وتحقيق أهداف المشروع من خلال تحفيز التزام السيدات بين السن 21 و 45 عاما، بمحددات وشروط المشروع؛ من أجل تحقيق أهدافه في ضبط النمو السكاني والمتابعة الدورية بمكاتب الصحة، مما ينعكس إيجابا على صحة السيدات والأطفال، ومواجهة تحديات الزيادة السكانية. كما أشارت الوزيرة إلى أنه بموجب البروتوكول، فستتولى وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية القيام بعدة إجراءات لتفعيل هذا البروتوكول، تتمثل في السماح في الاشتراك بالمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية للسيدات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 21 و45 عاما كحد أقصى، مع القيام بالمتابعة الدورية لالتزام السيدات بشروط المشروع، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للتحقق من ذلك، علاوة على تكوين قاعدة بيانات خاصة بالمشروع يتم تحديثها بشكل دوريّ، كما تلتزم الوزارة بإمداد وزارة المالية دوريًا بكل البيانات والإحصاءات بشأن السيدات المستهدفات من خلال المشروع، ومدى التزامهن واستحقاقهن لهذه الحوافز. فيما أوضح الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أنه وفقا لما نص عليه البروتوكول فستقوم الوزارة بإنشاء حساب لصالح المشروع القومي، ضمن حساب الخزانة الموحد، ويحمل رقما محددا ويسمى " حساب المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية"، ويصدر على هذا الحساب سندات أو وثائق حكومية بمستحقات السيدات الملتزمات بشروطه، على أن يتم الصرف من خلال الآلية التي يتفق عليها الطرفان في إطار المشروع. كما أشار وزير المالية إلى أن الوزارة ستقوم بادخار مبلغ بقيمة 1000 جنيه سنويا لكل سيدة متزوجة لديها طفلان بحد أقصى، ويستحق المبلغ المتراكم لها ببلوغها سن 45 عاما، بشرط التزامها بجميع شروط المشروع والمتابعة الدورية، ويسقط حقها في المطالبة بأية مبالغ مالية في حال إنجابها الطفل الثالث، موضحا أنه سيتم حساب المبلغ المتراكم والمستحق لكل سيدة متزوجة لديها طفلان على أساس سنها وقت الاشتراك في البرنامج، وفقا لعدة محددات
وأصبحت قضية الزيادة السكانية مسألة "حياة أو موت" لهذا الوطن، بحسب ما قاله الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، مؤكدا أن هناك رقم استثماري لكل أم تحافظ على إنجاب طفلين فقط، وتأخذ الأم هذا المبلغ المالي بعد الوصول لسن معين.
60 ألف جنيه للسيدة الملتزمة بإنجاب طفلين
وتتضمن الحوافز المقترحة، وثيقة تأمين بقيمة 60 ألف جنيه، تصرف للسيدة عند بلوغها الـ45 عاما، بشرط الالتزام بعدة ضوابط، أهمها إنجاب طفلين على الأكثر، وهذه الحوافز تعد من أحد الاقتراحات ضمن الحوافز الخاصة بالمشروع القومي لتنمية الأسرة، الذي تم إطلاقه تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي في فبراير 2022، كمشروع تنموي متكامل يستهدف تحسين الخصائص الديموجرافية مثل التعليم والصحة وفرص العمل والتمكين الاقتصادي والثقافة بالإضافة إلى ضبط النمو السكاني.
شروط الحصول على الحوافز المالية
وإنجاب طفلين فقط ليس الشرط الوحيد للحصول على الحوافز الإيجابية، فيوجد شروط صحية يجب على المرأة الالتزام بها، من خلال الفحوصات الدورية والالتزام بجداول التطعيمات والتباعد بين الولادات بفترة كافية والالتزام بتطعيم الأطفال والكشف الدوري على صحة الأم مع الالتزام بصحة الأطفال.
وفي حال الموافقة على ذلك المقترح، ستحصل الأسرة الملتزمة عليه وتقوم الحكومة بفتح حساب بنكي لكل سيدة ولا تحصل على أول دفعة منه إلا بعد مرور عدد من السنوات بعد تسجيلها في المشروع، قد تصل إلى 10 سنوات، وأكدت وزارة التخطيط أن هذا ليس المقترح الوحيد، فيوجد العديد من الحوافز منها توفير مشروع للنساء التي تلتزم بالشروط سيتم تمويله من المشروع القومي تنمية الأسرة، بالإضافة إلى حافز تأميني على المرأة الملتزمة بالشروط.
ولادة 4 أطفال كل دقيقة
وبحسب الإحصائيات الرسمية الأخيرة، فإن عدد سكان مصر بلغ نحو 104 ملايين و578 ألفا و187 نسمة، بزيادة بنحو 13 ألف و913 نسمة خلال أسبوع واحد فقط، وبذلك فإنه يولد 4 أطفال في مصر كل دقيقة، بما يعادل طفل كل 13 ثانية، لتتقلد مصر المرتبة الأولى في تعداد السكان على مستوى الدول العربية، والمرتبة الثانية في أفريقيا، فيما تحتل المركز الـ14 في الترتيب العالمي.
هدف برنامج الحوافز الإيجابية
ويهدف برنامج الحوافز الإيجابية بشكل رئيسي للوصول إلى معدل إنجاب أقل مما هو عليه حاليا، حيث إن معدل الإنجاب في مصر حوالي 2,8 طفل لكل أسرة بناء على بيانات عام 2022، والهدف من البرنامج هو وصول هذا المعدل إلى 1,6 طفل لكل أسرة بناءً على مستهدفات المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية.
هل اتجاه الدولة إلى تشجيع الأسر للحد من الإنجاب عن طريق الحوافز المالية سيؤدي للنتيجة المطلوبة، سؤال تطرحه "موقع محبي الجوكر" على عدد من الخبراء، الذين أشادوا بهذه الخطوات التي تواصل الحكومة العمل عليها لحد من نزيف الزيادة السكانية، الذي يلتهم التنمية الاقتصادية، ويؤدي إلى انخفاض المستوى المعيشي للأسر في ظل ثبات الدخول.
غول الزيادة السكانية يلتهم التنمية الاقتصادية
وتوثر الزيادة السكانية على خطط الدولة للتنمية الاقتصادية، بحسب الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، كما أنها تؤثر على ارتفاع إنفاق الدولة على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والإسكان، كما تؤدي إلى انخفاض المستوى المعيشي للأسر في ظل ثبات الدخول وكذلك ترفع معدلات البطالة بشكل كبير.
وترى أستاذ علم الاجتماع، أن هذه الحوافز المالية ستساهم بشكل كبير في خفض معدل الإنجاب في مصر، حيث إن معظم الدول المتقدمة تقوم بمنح حوافز لكل من يلتزم بالسياسة الإنجابية، ومعاقبة وحرمان من لا يلتزم حيث تمنع الأسرة من الحصول على أي امتيازات من الدولة في حالة إنجاب أكثر من طفلين أو أكثر من طفل أحيانا في حالة كان معدل التضخم في هذه الدولة عالي، وذلك لأن الدول تنظر لمصلحة الجماعة وليس الفرد الواحد وملحة المجتمع قبل الفرد، وبالتالي مستوى التعلم بصبح جيد بدرجة كبيرة، فضلا عن تحسن المستوى الاقتصادي لهذه الدول.
كيف تنجح الدولة في خفض معدل الإنجاب؟
كما شددت الدكتورة سامية خضر، على أهمية توعية المواطنين بخطورة قضية الزيادة السكانية، والآثار الاجتماعية والاقتصادية للزيادة السكانية، مع تضمين ذلك في المناهج المدرسية والجامعية لتوعية الطلاب، مع تفعيل منح حوافز مالية للسيدات الملتزمة ببرامج تنظيم الأسرة، وبذلك تنجح الدولة في السيطرة على معدلات الإنجاب.
وتعتبر الزيادة السكانية هي السبب الرئيسي في أي أزمة تتعرض لها البلاد، لذلك ترى الدكتورة هالة يسري أستاذ علم الاجتماع، أن الحوافز المالية مع تنفيذ الدولة خطة تخفيض النمو السكاني لفترة معينة سيحد من الزيادة السكانية، ولكن لابد أن يكون تخفيض النمو السكاني قاعدة عامة طوال العمر لتطوير الدولة، وليست فترة مؤقتة مثلما فعلت الصين، والتي على آثرها نجحت نجح كبير.
ولكن تؤكد أستاذ علم الاجتماع، أن خطة الدولة من خلال تقديم مبلغ مالي للأم الملتزمة بإنجاب طفلين فقط، يجب أن يعتمد على تعريف الأم أولا إذا كانت عاملة أو غير عاملة، لأن الأم العاملة تعد أقل إنجابا، ولكن الغير عاملة ليس لديها وعي بخطورة الزيادة السكانية، ولا تعطي أهمية لأهمية تخفيض معدل الإنجاب، لذا يتطلب الموضوع حملات توعية بشكل كبير من المجتمع المدني.
علاقة تنمية الريف بخفض الإنجاب
والزيادة السكانية في مصر هي مشكلة وعي، وتنتهي المشكلة بشكل نهائي بانتهاء تنمية الريف وتحديثها بشكل كبير، فبعد الانتهاء من القرى النموذجية نرى أن مستوى الإنجاب سيبح أفل، لأن القرى كانت مغطاة ولم يوضح عليها التأثيرات التنموية، أما اليوم صات مكشوفة من خلال التنمية وبفضل المجتمع المدني الذي عمل على هذا الأمر بكل جهد.
أسباب الزيادة السكانية وطرق حلها
ويعد الهروب من التعليم والزواج المبكر، هو أهم أسباب الزيادة السكانية في القرى ولابد من حل هذه المشاكل من خلال الوعي أيضا، حيث تؤكد أستاذ علم الاجتماع، أنه لابد من عمل حملات إعلامية وإعلانية بشأن تنظيم الأسرة، ففي الثمانينات كان لها مردود كبير على أرض الواقع، خاصة أنها كانت تخاطب معظم فئات المجتمع، وفي الوقت الحالي لابد من استحداث طرق الحملات التوعية بشأن الصحة الإنجابية وخطورة الزيادة السكانية.
وللأعمال الدرامية دور كبير جدا في توعية المواطنين بشأن خطورة الزيادة السكانية، خاصة أنها قادرة على تغيير المعتقدات الخاطئة، لذا تؤكد الدكتورة هالة يسري، أنه يتحتم على القائمين على الدراما معاونة القيادة السياسية من خلال صناعة مسلسلات درامية توعوية بخطورة الانفجار السكاني وأثره السلبي على البلاد والمواطنين.